U3F1ZWV6ZTYzMTQyNzY5OTk0NjhfRnJlZTM5ODM1OTE5MzIwMDk=

خطبه جمعه مكتوبه بعنوان الخوف من الله مع العمل الصالح

 الخوف من الله مع العمل الصالح


الخطبه الاولى

الحمد لله المبدع المعيد، الفعال لما يريد، يهدي من يشاء برحمته، أحمده سبحانه يضل من يشاء بعدله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الهادي إلى صراط الله ربه، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: 

عباد لله: 

اتقوا الله تعالى، واعلموا أن صحة الإسلام وصدق الإيمان يفتقر إلى دليل وبرهان، دليل يشعر بتغلغل الإيمان في القلوب، وبرهان يؤيد صدق الاستسلام وكامل الانقياد لله رب العالمين، قال تعالى: -(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ*وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ*أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)- [المؤمنون/57-61]. 

قالت عائشة رضي الله عنه: يا رسول الله والذين يؤتون (ما آتوا وقلوبهم وجلة) هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ قال: لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يتقبل منهم (أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون). 

قال بعضهم في وصف المتقين الطائعين: 

إذا ما الليل أظلم كابدوه

أطار الخوف نومهم فقاموا

فيسفر عنهموا وهموا ركوع

وأهل الأمن في الدنيا هجوع


فالمؤمن لا يُعجب بأعماله ولا يباهي بأفعاله بل يخشى ويخاف ويخشع ويتذلل يجتهد وهو على وجل ويعمل وهو في حذر وذلك هو ديدن السلف رحمهم الله فقد كانوا فرساناً بالنهار رهباناً بالليل قدموا لله أرواحهم وبذلوا في سبيله أنفسهم، وصفت لهم سرائرهم، وأشرقت بحبه قلوبهم، ودمعت من خشيته أعينهم، عملوا بالكتاب واتبعوا الرسول واجتهدوا في الطاعة، ومع ذلك أطار الخوف قلوبهم، وأسهر الإشفاق أعينهم. 

كان صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: «يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة» «جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه» رواه الترمذي وأحمد. 

وكان صلى الله عليه وسلم كثير الصيام، ولقد كان يقوم من الليل حتى تفطرت قداه. 

وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا إذا صلى بالناس لا تكاد تُسمع قراءته من كثرت بكائه وخوفه من ربه جلا وعلا. 

وكان في وجه عمر خطان أسودان من كثرة البكاء، وكان يسمع بكائه من آخر الصفوف، وكان إذا أظلم عليه الليل يقول لنفسه: "ماذا عملت اليوم يا عمر" وكان ينعس وهو قاعد فقيل له: ألا تنام يا أمير المؤمنين قال: إذا نمت بالليل ضيعت حظي مع الله وإذا نمت النهار ضيعت رعيتي" وحين حضرته الوفاة يقول لابنه: ضع خدي على التراب لعل الله أن يرى حالي فيرحمني رضي الله عنه وأرضاه.

وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، يصوم النهار ويقوم الليل وكان إذا وقف على قبر يبكي حتى تخضل لحيته من البكاء، وكان يُذكر عنده الموت والجنة والنار أحيانا فلا يبكي فسئل عن ذلك، فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت منظرا قط إلا القبر أفظع منه» رواه الترمذي. 

وقد روي عنه رضي الله عنه انه ما اغتسل مرة واحدة واقفا بل كان يغتسل جالسا حياء من الله جل وعلا. 

أما علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد كان صواما قواما فارسا بالنهار راهبا بالليل صلى صلاة الفجر في يوم من الأيام فجلس حزينا مطرقا فلما طلعت الشمس قبض على لحيته وبدأ يبكي ويبكي ثم قال: لقد رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت شيئا يشبههم كانوا يصبحون شُعثا غبرا صفرا قد باتوا لله سجدا وقياما يراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا طلع الفجر ذكروا الله فمادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وهطلت أعينهم بالدموع والله لكأن القوم باتوا غافلين" وكان رضي الله عنه يستأنس بالليل وظلمته فإذا أرخى الليل سدوله وغارت نجومه يميل في محرابه قابضا على لحيته ويتململ تململ الملدوغ ويبكي بكاء الحزين وينادي: "يا ربنا يا ربنا يا ربنا". 

وقد وصف علي رضي الله عنه المتقين بقوله: ألا إن عباداً كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين، وأهل النار في النار معذبين، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، صبروا أياما قليلة لعقبى راحة طويلة، أما الليل فصافون أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم، وأما النهار فظمأى حلماء بررة أتقياء. 

أما عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقد كان صائما ثم أوتي بطعام فقال: "قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة إن غطت به رأسه بدت رجلاه وإن غطي به رجلاه بدا رأسه ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط قد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا" ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام وأوتي له بعشائه في يوم من الأيام وكان صائما فقرأ قول الله جل وعلا: -(إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا*وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا)- [المزمل/12-13] فلم يزل يبكي حتى رفع طعامه وما تعشى. 

ولما حضرت أبا هريرة الوفاة بكى فقيل له: ما يبكيك. قال: "والله ما أبكي على ديناكم ولكن أبكي لبعد المفازة، وقلة الزاد، وعقبة كؤود، وإني أصبحت في صعود، المهبط منه: إما إلى الجنة وإما إلى النار". 

أما تميم الدري رضي الله عنه فكان من العباد الصوام القوام وقد قام الليل كله بآية واحدة حتى أصبح وهي قوله: -(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)- [الجاثية/21]، وقد سأله رجل عن قيامه بالليل فغضب غضبا شديدا ثم قال: "والله لركعة أصليها في جوف الليل في السر أحب إلي من أن أصلي الليل كله ثم أقُصُّه على الناس".

وتقول امرأة عمر بن عبد العزيز رحمه الله ورضي الله عنه: قد يكون في الرعية من هو أكثر صلاة وصياما من عمر ولكن ليس فيهم من هو أشد خوفا وبكاء من عمر، كان إذا صلى العشاء الآخرة جاء إلى بيته فألقى بنفسه في محرابه، فلا يزال يبكي حتى يطلع الفجر. 

بكى ليلة من الليالي بكاء شديدا فبكت زوجته لبكائه ثم أهله لبكائه ثم سمع أهله بكاءه فبكوا لبكاء عمر رضي الله عنه وأرضاه، فلما سكن وهدأ قيل له: يا أمير المؤمنين ما الذي أبكاك فوالله لقد أشفقنا عليك قال: "تذكرت يوم القدوم على الله ومنصرف الناس بين يديه فريق في الجنة وفريق في السعير ولا أدري أين يذهب بي؟"

فهذه حال المؤمنين أعمال جليلة وعبادة عظيمة وخشوع وخوف مع خوف ووجل وإشفاق وخشية ولكن إنما يتذكر أولو الألباب -(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ*وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)- [الرعد/20-21]. 

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه انه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد البشر، الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه السادة الغرر، وسلم تسليما كثيرا أما بعد: 

عباد الله: 

اتقوا الله تعالى وأطيعوه واعلموا أن طاعته أقوم وأقوى وتزودوا فإن خير الزاد التقوى وحذروا أسباب سخط الجبار فإن أجسامكم على النار لا تقوى واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار. 

ثم اعلموا أنكم غدا بين يدي الله موقوفون وبأعمالكم مجزيون وعن أفعالكم محاسبون وعلى تفريطكم وإهمالكم نادمون -( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)- [الشعراء/227]. 

عباد الله: 

-(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)- [الأحزاب/56]. 

وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم بها أجرا فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا». 

اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن أربعة الخلفاء أبي بكر وعمر عثمان علي، عن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين ومن تعبهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين. 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعدائك أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين واحمِ حوزة الدين. 

اللهم انصر دينك، وانصر من نصر دينك، واجعلنا من أنصار دينك، يا رب العالمين. 

اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا، وأصلح ووفق أولاة أمورنا، اللهم وأصلح قلوبهم وأعمالهم وسددهم في أقوالهم وأفعالهم. 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. 

اللهم أصرف عنا وعن المسلمين شر ما قضيت اللهم الطف بنا والمسلمين في قضائك وقدرك. 


ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. 

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا. 

اللهم إنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا انك أنت الغفور الرحيم اللهم إنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم. 

سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان ذي المُلك والملكوت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبحانك وبحمدك. 

ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا، فاغفر لنا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، وأنت القوي ونحن الضعفاء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته علينا قوة لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين. 

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا، هنيئا مريئا، غدقا مجللا، صحا طبقا، عاما نافعا غير ضار تسقي به البلاد، وتغيث به العباد وتجعله متاعا للحاضر والباد، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا بلاء ولا عذاب ولا هدم ولا غرق. 

اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، وأسقنا من بركات السماء، وانزل علينا من بركاتك، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم يا ذا الجلال والإكرام يا الله يا الله يا الله يا ربنا يا ربنا يا ربنا إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا. 

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد. 

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة